" L'Extraordinaire Extension des Galaxies " مواقع النجوم آية من آيات الله
قال تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ
لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة:76، 75 ) في هاتين
الآيتين الكريمتين يقسم ربنا تبارك وتعالي ـ وهو الغني عن
القسم ـ بمواقع النجوم, ثم يأتي جواب القسم: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ
كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ
رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة:80).
والمعنى المستفاد من هذه الآيات الكريمة:
أن الله تعالى يخبرنا بقوله( عز من قائل): أقسم قسماً
مغلظاً بمواقع النجوم ـ وأن هذا القسم جليل عظيم ـ لو كنتم
تعرفون قدره ـ أن هذا القرآن كتاب كريم, جمع الفوائد
والمنافع, لاشتماله على أصول الدين من العقيدة والعبادة
والأخلاق والمعاملات, وغير ذلك من أمور الغيب وضوابط
السلوك وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة والعبر
المستفادة منها, وعدد من حقائق ومظاهر الكون الدالة على
وجود الله و على عظيم قدرته, وكمال حكمته وإحاطة
علمه. ويأتي جواب القسم: أن الله تعالى قد تعهد بحفظ هذا
الوحي الخاتم في كتاب واحد مصون بقدرة الله( تعالى),
محفوظ بحفظه من الضياع أو التبديل والتحريف, وهو المصحف الشريف, الذي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون من جميع صور الدنس المادي( أي المتوضئون
الطاهرون), ولا يستشعر عظمته وبركته إلا المؤمنون بالله,
الموحدون لذاته العليا, المطهرون من دنس الشرك, والكفر,
والنفاق, ورذائل الأخلاق, لأن هذا القرآن الكريم هو وحي
الله الخاتم, المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله
عليه وسلم), وهو معجزته الخالدة إلى يوم الدين, أنزله الله
تعالى بعلمه وهو الإله الخالق, رب السماوات والأرض ومن
فيهن, وقيوم الكون ومالكه ( سبحانه وتعالى), ولذلك
يقول( عز من قائل): (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ
لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ
إلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة) تفسير
القسم بمواقع النجوم: الفاء حرف عطف, يُعطف بها فتدل
على الترتيب والتعقيب مع الاشتراك, أو يكون ما قبلها علة
لما بعدها, وتجري على العطف والتعقيب دون الاشتراك,
وقد تكون للابتداء, ويكون ما بعدها حينئذ كلاماً مستأنفاً,
وأغلب الظن أنها هنا للابتداء.
وأما لا فقد اعتبرها نحاة البصريين حرفاً زائداً في اللفظ لا
في المعني, بينما اعتبرها نحاة الكوفيين اسماً لوقوعها موقع
الاسم, خاصة إذا سُبقت بحرف من حروف الجر, وهي تأتي
نافية للجنس, أو ناهية عن أمر, أو جوابية لسؤال, أو
بمعني غير أو زائدة, وتارة تعمل عمل إن, أو عمل ليس,
أو غير ذلك من المعاني. ومن أساليب اللغة العربية إدخال
لا النافية للجنس على فعل القسم: لا أقسم من أجل المبالغة
في توكيد القسم, بمعني أنه لا يقسم بالشيء إلا تعظيماً له,
كأنهم ينفون ما سوى المقسم عليه فيفيد تأكيد القسم به,
وقيل: هي للنفي, بمعني لا أقسم به إذ الأمر أوضح من أن
يحتاج إلى قسم أصلاً فضلا عن هذا القسم العظيم.
ومواقع النجوم:
هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي
محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة
الواحدة, وبسرعات جريها ودورانها, وبالأبعاد الفاصلة
بينها, وبقوى الجاذبية الرابطة بينها, واللفظة مواقع جمع
موقع يقال: وقع الشيء موقعه, من الوقوع بمعنى السقوط.
والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها,
وحركات النجوم عديدة وخاطفة, وكل ذلك منوط بالجاذبية,
وهي قوة لا تُري, تحكم الكتل الهائلة للنجوم, والمسافات
الشاسعة التي تفصل بينها, والحركات المتعددة التي تتحركها
من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة,
وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها القليل ...!!!
وهذا القَسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق
القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة,
والتي تقول أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم
السماء عن أرضنا, فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري
النجوم أبداً, ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها,
وعلى ذلك فهذه المواقع كلها نسبية, وليست مطلقة, ليس هذا
فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة قد أثبتت أن نجوماً
قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة, والضوء الذي
انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ
في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم
الراهن, كما أنه نظراً لانحناء الضوء في صفحة الكون فإن
النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية,
ومن هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم, وليس
بالنجوم ذاتها ـ على عظم قدر النجوم ـ التي كشف العلم
عنها أنها أفران كونية عجيبة يخلق الله تعالى لنا فيها كل
صور المادة والطاقة التي ينبني منها هذا الكون المدرك. |